أهمية الكلمة بين الحسين والشرقاوي وماهر عطية!

أهمية الكلمة بين الحسين والشرقاوي وماهر عطية!

  • أهمية الكلمة بين الحسين والشرقاوي وماهر عطية!

ثقافة وفنون قبل 5 سنة

أهمية الكلمة بين الحسين والشرقاوي وماهر عطية!

بكر أبوبكر

أرسل لي الأخ والصديق ماهرعطية قطعة أدبية جميلة عن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بقلم الأديب الكبير أدهم الشرقاوي، ولأهمية المطروح وهو مما أدخله الأخ ماهرعطية في الدورات التي نعقدها للكوادر عن دور الكلمة في الاستقطاب، وفي فن الحديث وفي العلاقة مع الجماهير، وأهميتها في كل الاتصالات عامة، عملت على تبيان المجال الذي كتب فيه الأديب الشرقاوي الحوار.

        كان التبيان هامًا لا سيما وأن الاستشهاد بهذا الحوار القوي والجريء قد جاء أيضا على لسان الفنانين عبدالله غيث ونور الشريف، كما يمكن لأي متتبع أن يراه على قناة يوتيوب، ما يدلّل على مدى الاهتمام بالحوار من جهة والتأثر به، وبقيمة العمل الفني، وعمق الحدث ذاته، وأهمية الكلمة وقوتها وارتباطها بالعهود وهو مبتغانا هنا.

وفي العودة للرواية الأصلية للحادثة أو الواقعة وهي طلب مبايعة الحسين بن علي ليزيد ابن معاوية نقرأ للشيخ محمد صنقور[1]

((روى الطبري وغيره واللفظ للطبري: بويع ليزيد بن معاوية بالخلافة بعد وفاة أبيه في رجب سنة ستين وأمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ولم يكن ليزيد همة حين ولى الا بيعة النفر الذين أبوا على معاوية الإجابة إلى بيعة يزيد حين دعا الناس إلى بيعته وانه ولى عهده بعده والفراغ من أمرهم، فكتب إلى الوليد يخبره بموت معاوية وكتب إليه في صحيفة كأنها أذن فأرة: أما بعد... فخذ حُسينا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام.

فأشار عليه مروان أن يبعث إليهم في تلك الساعة ويدعوهم إلى البيعة والدخول في الطاعة فان فعلوا قبل منهم وكف عنهم وان أبوا قدمهم فضرب أعناقهم فإنهم ان علموا بموت معاوية وثب كل منهم في جانب وأظهر الخلاف والمنابذة ودعا إلى نفسه عدا ابن عمر فإنه لا يرى القتال الا أن يدفع الأمر إليه عفوا.

 

فأرسل عبد الله بن عمرو بن عثمان إلى الحسين وابن الزبير يدعوهما فوجدهما في المسجد فدعاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس فقالا: انصرف الآن نأتيه.

فقال حسين لابن الزبير: أرى طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر.

فقال: وأنا ما أظن غيره.

فقام الحسين وجمع إليه مواليه وأهل بيته وسار إلى باب الوليد وقال لهم: انى داخل فان دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا فاقتحموا علىّ، والا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم، فدخل على الوليد ومروان جالس عنده فاقرأه الوليد الكتاب ودعاه إلى البيعة فاسترجع الحسين وقال: ان مثلي لا يعطى بيعته سرا ولا أراك تجتزئ بها منى سرا دون أن تظهرها على رؤوس الناس علانية، قال: أجل؟ قال: فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا فقال له الوليد، وكان يحب العافية: انصرف على اسم الله.

فقال له مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه.

فوثب عند ذلك الحسين فقال: يا ابن الزرقاء أنت تقتلني أم هو؟ كذبت والله وأثِمت.

وفي تاريخ أعثم ومقتل الخوارزمي ومثير الأحزان واللهوف واللفظ للأخير، كتب يزيد إلى الوليد يأمره بأخذ البيعة على أهلها عامة وخاصة على الحسين، ويقول له: إن أبى عليك فاضرب عنقه، ثم أوردوا الخبر نظير ما ذكره الطبري إلى قولهما، فغضب الحسين وقال: ويلي عليك يا ابن الزرقاء أنت تأمر بضرب عنقي؟ كذبت ولؤمت نحن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ويزيد فاسق شارب الخمر وقاتل النفس ومثلي لا يبايع مثله.))

ذاك ما كان من الرواية التاريخية ما قبل مسير الحسين طلبًا للعدالة ورفضا لبيعة يزيد، ثم مقتله شهيدا لاحقا في كربلاء.

 أما في إطار تأمل عبدالرحمان الشرقاوي[2] الشاعر والأديب والمسرحي في القصة الحقيقية، وفي مسرحيته الجميلة السبك (الحسين ثائرا) [3]كتب هذا الحوار الافتراضي معلقًا على طلب البيعة، وموضحا أهمية الحق والتمسك به، وموضحا عقلية الثورة على الظلم، وأهمية الكلمة في ذات الوقت، فالبيعة أو غيرها من الأعمال ليست كلمة تقال وفقط، وهذا جزء من النص المسرحي

 (الوليد : نحن لا نطلب إلا كلمة

فلتقل : " بايعت " واذهب بسلام لجموع الفقراء

فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنا للدماء

فلتقلها.. آه ما أيسرها.. إن هي إلا كلمة

الحسين : ( منتقضا ) كبرت كلمة !

وهل البيعة إلا كلمة ؟

ما دين المرء سوى كلمة

ما شرف الرجل سوى كلمة

ما شرف الله سوى كلمة

ابن مروان : ( بغلظة ) فقل الكلمة واذهب عنا

الحسين : أتعرف ما معنى الكلمة...؟

مفتاح الجنة في كلمة

دخول النار على كلمة

وقضاء الله هو الكلمة

الكلمة لو تعرف حرمة

زاد مذخور

الكلمة نور

وبعض الكلمات قبور

بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى

الكلمة فرقان بين نبي وبغى

بالكلمة تنكشف الغمة

الكلمة نور

ودليل تتبعه الأمة

عيسى ما كان سوى كلمة

أَضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين

فساروا يهدون العالم !

الكلمة زلزلت الظالم

الكلمة حصن الحرية

إن الكلمة مسئولية

إن الرجل هو الكلمة

شرف الرجل هو الكلمة

شرف الله هو الكلمة

ابن الحكم : وإذن ؟!

الحسين : لا رد لدى لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة

الوليد : قد بايع كل الناس يزيدا

إلا أنت.. فبايعه

الحسين : ولو وضعوا بيدي الشمس.. !

ابن مروان : فلتقتله.. اقتله بقول الله تعالى..

ابحث عن آية..

أقتله بقول رسول الله

فيمن خرج عن الإجماع

الحسين : أتقتلني يا ابن الزرقاء بقولة جدي فيمن نافق ؟

أتزيف في كلمات رسول الله أمامي يا أحمق

أتقتلني يا شر الخلق ؟

أتؤول في كلمات الله لتجعلها سوط عذاب

تشرعه فوق امرئ صدق ؟”)

وعليه أشكر الأخ المدرب المتمرّس ماهرعطية على حسن استشهاداته، وفي الموضع الملائم ما هو بالحقيقة فن نتعلمه في فن الكلام والحديث، وضمناه كتابنا القادم، ونحاول ان نعلمه للكوادر ونتعلم منهم.

 وأشكره على إثارة منطق البحث والتتبع لدي حتى إعيد اكتشاف الحادثة، والأديب الكبير عبدالرحمان الشرقاوي رحمه الله، وكتبه العديدة التي منها مسرحية "وطني عكا" التي تستحق أن تكون عملا مسرحيا عربيا أو فلسطينيا جديدا لربما يمثله كوادر في إحدى الجامعات الفلسطينية!

 

 

 

 

________________________________________

[1]  الشيخ محمد صنقور في موقع قناة الكوثر الايرانية وتحت عنوان : قصة طلب الوليد بن عتبة البيعة ليزيد من الإمام الحسين، في 12 ابريل 2018. 

[2]  عبد الرحمن الشرقاوي (1921 - 1987) شاعر وأديب وصحافي ومؤلف مسرحي ومفكر إسلامي مصري من الطراز الفريد-حسب الموسوعة الحرة على الشابكة

[3]  عبدالرحمان الشرقاوي، الحسين ثائرا، دار الشروق، القاهرة والحوار المذكور يرد في الصفحات 30-32 من الكتاب المسرحية، وكتب أيضا الحسين شهيدا، وله كتب: الأرض، والفلاح، وأئمة الفقه التسعة،ووطني عكا، والفتى مهران، وأرض المعركة وغيرها.

 

بكر أبوبكر

 

التعليقات على خبر: أهمية الكلمة بين الحسين والشرقاوي وماهر عطية!

حمل التطبيق الأن